لماذا خلق الله آدم عليه السلام

لماذا خلق الله آدم؟

قال الله في محكم كتابه العزيز: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لاتعلمون) [البقرة: 30].
الإنسان في النهاية مهما بلغ عقله من فكر وعلوم فهو عقل محدود لا يستطيع به إدراك الحكمة الإلهية في كل شيء، و عقله هذا ميزه الخالق به عن سائر خلقه.. ليتدبر.
حينما شرعت في بحثي هذا لم تكن النية التشكيك و لكن لمحدودية عقلي الجاهل بشيء لم أفهمه، حينما قرأت آيات الحكيم عن خلق آدم و استخلافه الأرض، مرورًا بمعصية ابليس لرب العالمين حتى خروج كلاهما من الجنة، تسائلت؛ كيف دخل آدم الجنة بعد أن كان مستخلف في الأرض؟ و كيف علم الملائكة بصفاته قبل خلقه؟ و هنا سنجيب عن هذا التساؤل من بعد احكام العقل في البحث و الله أعلى و أعلم.
قال الله تعالى” إني جاعل في الأرض خليفة”..
و كلمة خليفة في المعاجم من المصدر ( خَلَفَ ) و تعني من يخلف من سبقه، و حيث أن خلق الأرض قد سبق خلق آدم بزمن بعيد، فقد سكن الأرض قبله الجن و العفاريت، و قد أفسدوا في الأرض و طغوا و عصوا الله، و في رحلة البحث قد ورد أمامي تفسيرين عن علم الملائكة بصفات البشر من قبل خلقهم حيث شق سؤالي الثاني، و كان الأقرب للعقل رأي الدكتور مجدي عاشور المستشار العلمي لمفتي الجمهورية الذي قال أن الأقرب للعقل هو أن الملائكة قد قاسوا صفات البشر على من سبقوهم في الأرض بعدما أفسدوا و سفكوا الدماء، لهذا قال الملائكة لرب العزة ” أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء”، و لم يذهب عقلي للتفسير الثاني الذي أقر أن بعض الملائكة قد اطلعوا على بعض اللوح المحفوظ، حيث استحداث أمر خلق بشر و ذكر الأمر على الملائكة، وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي، حدثنا علي بن محمد الطنافسي حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش عن بكير بن الأخنس عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو قال :
كان الجن بنو الجان في الأرض قبل أن يخلق آدم بألفي سنة ، فأفسدوا في الأرض، وسفكوا الدماء فبعث الله جندا من الملائكة فضربوهم، حتى ألحقوهم بجزائر البحور، فقال الله للملائكة :
( إني جاعل في الأرض خليفة ) قالوا :
أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ؟ قال : إني أعلم ما لا تعلمون.
و قد ذهبت أغلب التفاسير إلى ذلك.. و الله أعلم.
أما عن دخول آدم الجنة بعدما كان قدره الخلافة في الأرض،
وبيّن الله -تعالى- للملائكة أنه سيخلق آدم من طين، وأنّه سينفخ فيه من روحه، وأمرهم بالسجود تكريمًا له عند خلقه، وبعدها جُمع من تراب الأرض الأحمر، والأصفر، والأبيض، والأسود، ثم مُزج التراب بالماء فأصبح صلصالًا من حمأ مسنون، ثم تعفن الطين وانبعثت منه رائحة، ممّا جعل إبليس يتعجب ويتساءل ماذا سيكون هذا الطين، ثم جاء اليوم المُرتقب حيث سوّى الله -تعالى- آدم بيديه، ثم نفخ فيه من روحه فتمّ بذلك خلقه، ودبّت فيه الروح، وفي تلك اللحظة سجد الملائكة كما أمرهم ربهم -عز وجل- إلا إبليس الذي أعمى الكِبر والغرور بصيرته، فرفض السجود لآدم، فوبّخ الله -تعالى- إبليس، حيث قال له: «قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ».
ولم يرتدع إبليس بعِظم الذنب الذي ارتكبه بعصيان أمر الله تعالى، بل أصرّ واستكبر وردّ بمنطق الحسد والكبر قائلًا: «قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ» في تلك اللحظة صدر أمر الله -تعالى- بلعنة إبليس وطرده من رحمة الله -تعالى- إلى يوم القيامة، حيث قال تعالى: «قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ» هناك امتلأ قلب إبليس بالحقد على آدم وذريته، وأصبح همّه الانتقام منه، فطلب من الله -تعالى- تأخيره إلى يوم القيامة، وشاءت حكمة الله -تعالى- إجابته فيما طلب، فأفصح إبليس عن هدفه في الانتقام حيث قال: «فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ» ثم أسكن الله -تعالى- آدم -عليه السلام- الجنة وخلق له زوجته حواء.
بعدما خلق الله آدم و ما ذُكر سَلَفًا عن الحقد و الكراهية اللذان امتلكا نفس ابليس عليه من الله اللعنة كان على آدم إدراك حقيقة ذلك بعلمه أن هناك على الأرض له عدو له و لذريته، فقد كان خلق آدم حديث، فاقد العلم و الدراية و الحكمة، فكان سبب دخوله الجنة و الله أعلم هو تعليمه من العلم و الحكمة قبل بدء مهمته التي قد خلقه الله لها، و الأمر الثاني لبيان عداء ابليس لذريته، إن الله أدخله الجنة لحكم يعلمها ـ كما ظهر لنا بعضها ـ ولله أن يفعل في خلقه ما يشاء، لا يسأل عما يفعل، وكان هذا ضرورياً لتظهر حكمة الله من الإهباط إلى الأرض، واتخاذ بعضهم بعضاً عدواً، ويظهر الفرق بين المنزلتين في الدنيا والآخرة، هذا ما ورد في التفاسير و بعدها احكام العقل لتدبر و فهم لا من تشكيك و و تحد أعوذ بالله من هذا.
هذا و الله أعلى و أعلم

نجم الدين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

رسالة الى صديقي

يوليو 12, 2022

انهيار عرش الكتاب الورقي أمام نظيره الالكتروني..

يوليو 12, 2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *