قصة بعنوان ( دون ثمن ) لديانا حسام الدين

 

العام ٢٠٥٠… لم يعد العالم كما كان! انقسمنا الى طبقتين فقط!
طبقة فقيرة و طبقة ثرية في حين اختفت الطبقة الوسطى تماما!
تم تطوير چين الميلانين لصبغة جلد الطبقة الفقيرة باللون الأزرق الذي يميزها عن الطبقات الثرية،
فأصبحنا مميزون بينهم كطبقة عاملة تعيش في مناطق خاصة و غير مسموح لها بتخطي تلك
المناطق للمناطق الأخرى التي يعيش فيها علية المجتمع الا اذا كنا نملك تصريح خاص للعمل
بتلك المناطق لدى الأثرياء! ليس مسموحا لنا بأقتناء اي من وسائل الرفاهية المتاحة!
حتى أبسطها كالهواتف المحمولة المطورة والتي أصبحت خاصة للأثرياء فقط
و لم تعد مثلما كانت قديما وسيلة من وسائل التواصل فقط بل اصبح لديها قدرة ملموسة على نقل المشاعر المبعوثة
من مجرد تطبيقات و رسائل الى هرمونات خاصة يمكن صاحب الجهاز استنشاقها للأستمتاع بها!
فمثلا يمكن تحويل الرسالة العاطفية الي هرمون الأوكسيتوسين المعروف بهرمون الحب
والذي يجعل مستقبل الرسالة في حالة نشوة تعادل نشوة التلامس الحسي مع من تحب!
ايضا مدمني الأحساس بالألم او الخوف تتكون تطبيقات الأفلام الخاصة بهم الى نوع من الهرمون
الذي يمكن استنشاقة و خو هرمون الأدرينالين و الذي يرفع من حالة الأحساس بالأدرينالين في الدم لزيادة النشوة
عند المشاهدة للدرجة القصوى و بالتالي أصبحت الهواتف المحمولة بعالم الأثرياء
هي نوع للحماية من الجريمة و الخلل الأجتماعي،
اما الطبقة الفقيرة فلم تكن تنعم بتلك الرفاهية لذلك أصبحت منفردة بعالم الجريمة وحدها
كما لو كان الأنقسام بيننا أصبح انقسام عالمين و ليس طبقتين! و بالرغم من ان حرماننا من تلك
الرفاهية مع الضغوط والفقر هو السبب الرئيسي فيما اصبحنا عليه الا انهم تناسوا ذلك مع الوقت
و اصبحنا بنظرهم مجرد وحوش و آلات للعمل و أصبحنا منبوذون دون حيلة منا! وهكذا ظهرت
من بيننا مجموعات ثورية للأعتراض على هذا الظلم في محاولة لإيصال اصواتنا الضعيفة الى الجهات العليا
في مطالبة منا بالعدالة و حقوقنا كبشر و ليس حيوانات عاملة و لكن تم ابادت تلك المجموعات
بالكامل و الحكم عليها بالخيانة العظمى و حكمها الإعدام! لذلك ظهرت محموعات ثورية أخرى
و لكن تلك المرة مجموعات عنيفة قد شنت الحرب بشكل غير مباشر على تلك الطبقة النرجسية
باستهدافهم إما عن طريق القتل بالرغم من صعوبة الوصول اليهم الا انهم إستطاعوا بث الرعب
فيهم بنجاح عمليتان أغتيال، و الطريقة الأخرى كانت عن طريق السرقة منهم، سرقة جزء
من حقنا في الحياة، فقد كانت المياة بنسبة و الكهرباء بنسبة و قانون النسب على كل ما يلزمنا في المعيشة،
و كان صعب سرقة تلك الحقوق الطبيعية لذلك لجأت تلك المجموعة الثورية لسرقة
جزء من رفاهيتهم الممثلة في الهواتف الهرمونية و كنت انا من ضمن تلك المجموعات.

و كانت تلك هي خطيئتنا الكبرى! لم نكن نعلم ان تلك الهواتف ستكون السبب في سقوطنا!
بعد تخطيط طويل أستطاعنا ان نضربهم ضربة قوية بالأستيلاء على شحنة كاملة من تلك الهواتف،
كان الأمر مفاجئ بالنسبة لهم فلم يتوقعوا ان نجرؤ على مثل تلك الفعلة او نستطيع ان نقوم بها من الأساس!
قمنا بتوزيع الهواتف على انفسنا و كل قريب نعرفه دون تمييز،
لكم ان تتخيلوا مدى السعادة بتلك السلعة التي تعتبر تافهه بالنسبة لأحتياجاتنا ولكننا
اعتبرناها تعويض لمشاعرنا عما ينقصنا من احاسيس بالسعادة او الحب في خضم ما نحياة!
و لكن لم نحسب حساب إدماننا لتلك الهرمونات! و بعد السرقة الأولى قاموا بالتشديد على
كل الشحنات التالية فلم نستطع الحصول على أخرى بسهولة!
منا من رضخ للأمر الواقع و تقبل التجربة الأولى و لكن كان هناك البعض الذي لم يستسيغ فكرة ألا يحصلوا
على شحنات أخرى! لذلك بدأت هجمات فردية على بعض الشباب الثري و قتلهم لاحصول على هواتفهم!
و كانت تلك الطامة الكبرى، فقد قاموا بتفتيش جميع المنازل و الأفراد في مناطق الدخول والخروج
و من كان يتم القبض عليه متلبسا يتم إعدامه فورا حتى لو كان طفل صغير تم تهريب الجهاز معه
حتى لا يتم القبض على اللص الأساسي و في إعتقادهم انهم ستأخذهم الرحمة بتلك الأطفال
و لكنهم كانوا مخطئين، فتلك القوم قد نسيت معنى الرحمة منذ زمن، ربما عليهم البحث
عن هرمون لأستعادة الشعور بها من جديد! ولكن ذلك لم يوقف الثوار عن الإستمرار في القتل والسرقة!
اصبحت المشاعر اكثر تعقيدا، تحول الأمر من البحث عن نوع من الرفاهية للتقليل من
المعاناه الى مزجه بروح إنتقامية و حقد و غل!
فجأة اوقفوا حملات التفتيش و هدأت الأمور و اعتقد الثوار انهم قد استسلموا لذلك التمرد!
و لكنهم كانوا يدبرون لخطة إبادة جماعية بمنتهى الذكاء والقسوة!
لقد قاموا بتوزيع شحنات خاصة اضافوا اليها هرمون الألم متخفيا بأسم هرمون الحب
الذي يستنشقه الجميع دون إستثناء! و هكذا، سهلوا اليهم سرقة تلك الشحنة و قد وقع الثوار في المصيدة!
باليوم التالي كانوا يتساقطون من الألم فردا بعد الأخر لتقوم العساكر بأكتشافهم ببساطة و القبض عليهم دون مجهود يذكر!
و تم جمع الكل سواء من قام بالسرقة او شارك فيها او حتى سولت له نفسه تجربة احدى الأجهزة
من باب الفضول! و هكذا تم جمع الكل و لم يراهم احد بعدها، صغير او كبير، الحميع اختفى للأبد!
و عادت طبقتنا للعمل رويدا كما كانت بنفس الديناميكية المبرمجة و تحولت من حالة الغضب و الفقد الى التعود و الرضوخ مجددا،
مجرد زوبعة في فنجان كما كانوا يقولون قديما و انتهى كل شيئ فجأة!
أستطعت ان اهرب من كل هذا بسبب علاقتي مع احد اصحاب النفوذ،
لقد استغل جسدي لمجرد انهم قد ملوا من نساءهم ذوات الالوان الفتحة،
و خوض تجربة جسدية مع فتاة من ذوات الصبغة الزرقاء لهو شيء مثير للتجربة كما كان يقول!
مقابل بضعة أنفاس من الهاتف، و هكذا استطعت ان احافظ على متعتي الخاصة بعد موت الجميع
بعد ان بعت ما تبقى مني فقط كي اشعر بما كان قديما ابسط حقوق لنا، الإحساس!
والذي لم يعد متاح الأن دون ثمن.

One Thought on قصة بعنوان ( دون ثمن ) لديانا حسام الدين

  1. جميله جدا

    Reply

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

بروتوكول تعاون مشترك بين دار الحبر الأسود للنشر و التوزيع و الخازندار

مارس 3, 2023

مقال أسطورة المتحولون لديانا حسام الدين

مارس 3, 2023

One Thought on قصة بعنوان ( دون ثمن ) لديانا حسام الدين

  1. جميله جدا

    Reply

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *