ودنك منين يا جحا
بقلم – علا خضير
حينما كان جحا ينتظر بساط الريح الذي يأخذه إلى مستقبل أفضل،
وحياة وردية مبهجة تمنى أن يعيشها بيوم من الأيام، ظل منتظرًا كثيرًا لكي يستمتع بحياته حتي أفاق على
واقع قطار العمر الذي سبق بساط الريح بأميال بعيدة وقد خالط سواد شعره الشيب فلا أدرك جحا الاستمتاع
بذكريات الماضي ولا الآن حمل أن يدرك الاستمتاع بما هو قادم فقد تملك العمر ونال منه ما نال.
وقتها أدرك جحا أن طيلة حياتة الماضية انشغل بأشياء ليس له منها شيء، ولم يتذكر أن أموره كلها بيد الله عزوجل
هو من يدبر الأمر كله، انشغل بأمور كاد أن يراها كبيرة من وجة نظره، ولكنها كانت تافهة لأن تُضيع عليه نعمة الاستمتاع بحياته ،
انشغل جحا بالقيل والقال وأعطى أذنيه لمشاكل ومتاعب الحياة،
ونسي أن الحياة نفسها زائلة وكلنا راحلين عنها ، حينها أدرك جحا أن هو من أضاع على نفسه فرصة الاستمتاع بحياته ،
هو من كان يبدع دائمًا في البحث بين الظلام والغيوم عن مجهول،
بينما كان لا يرى الضوء الخافت بين يديه ، ودائمًا ما كان يُغريه الذي لم يأتي ويشغله من ابتعد عنه
أكثر ممن يقترب منه، فلا استمتع جحا بالذي بين يديه، ولا بالذي بأحلامه يأتيه ،
وتذكر جحا وقتها أن العمر قصير لا يكفي ندمًا ولا نبشًا للجراح في كهوف الذكريات عند أودية الألم ،
وحينها قام جحا يهون على نفسه ويتصالح مع أحزانه ويؤنس وحشة روحه ، ويقضي ما قد تبقى من عمره بنفس
راضية فلا ندم يُعيد ما مضى ولا عمر جديد يُعاد فيعوض نزف أيامه ، وهذه كانت نصيحة جحا لكل من يقرأ قصته ،
اكتشفوا من جديد الأركان المجهولة في حياتكم ، تلمسوا السعادة بأبسط الأشياء،
وتذكروا دائمًا أن الحياة قصيرة وتنتهي بدون إشعار مسبق والرحيل مجهول موعده ،
استمتعوا بكل شيء حولكم سواء أهل ، أصحاب ، أماكن ،
قبل أن ينفرط عقدكم وقبل أن يتشتت جمعكم ، ودائمًا كن أذكى من جحا .