شروق شمس لن تغيب الفصل الرابع عشر

 

دخل أخواها في هذه اللحظة وقال أكبرهم :
-ماهذه الخيانة، حضن عائلي بدوننا. قالها وتصنع الحزن، شدته علي غفلة منه وبدأت المزاح معهم ،

المزاح الذي حُرموا منه منذ فترة.

قال أخوها وهو يضحك:
-الأن عادت شروق من جديد.
نظرت لهم الأم بفرحة، هذه اللحظات التي يضحك فيها أبناؤها تخفف عنها آلامها،

تشعرها أن تعبها كله يهون في سبيل لحظة كتلك، شردت وهي تتذكر زوجها كم تتمنى لو كان بينهم الآن..

-بابا حبيبي، لما تأخرت اليوم ؟
-أسف يا حبيبة بابا، لكن ما أخرني شئ مهم كنت أحضره ل…. ،تري أحضرته لمن ؟
-بالطبع لي يا بابا. قالتها وهي تضع يديها في وسطها بتحفز،ضحك الأب وحملها، قبلها في وجنتيها وقال:
-بالطبع لشروق حبيبتي، هل عندي من هي أغلى منك أنتي وأخوتك .

قالت الأم بتذمر :
– هكذا إذن، لا يعد لي مكان في القلب والمعزَّة إذن.
نزل شروق برفق ثم أقترب من زوجته باسما:
-كل القلب لك والغلاوة، هم أطفالنا جزء منك أنتي الأصل حبيبتي وهم أجزاء منك لذا أحبهم.
أبتسمت في رضا ودعت الله أن يديم هذه اللمة .
أفاقت من ذكرياتها ومسحت دمعة هاربة ودعت لزوجها بالرحمة ولأولادها بالسعادة الدائمة.

 

الأسرة هي الحضن الدافئ والحِصن المنيع،

إذا خانتك دنياك وسقطت سندتك أسرتك وحَرصت على حمايتك.
لكن ماذا ستفعل ان كان حصنك المنيع هو سبب شقاءك وتعاستك،

هذا الألم أشد أضعاف الأضعاف من ألم خيانة الدنيا وغدرها..

حدثتها والدتها هذا الصباح، تريد أن تعرف متى موعد العُرس، ستأتي كالغرباء.
-حتى في هذه المناسبة يا أمي لا تريدين الوقوف بجانبي، لعلها المرة الأخيرة التي أطلب دعمك ومحبتك.
أمي هل مازلتي تتذكرين أنني أيضا إبنتك ولي حقوق؟، أم بطلاقك من والدي طلقتماني أيضا!

نزل السؤال عليها كالصاعقة، لأول مرة تشكو لها من جفائها،

هل فعلا تمادت في التفريق بالمعاملة، هل تكرهها إبنتها؟
ترددت كثيراً، تفكر بكلام مناسب، مبررات تشفع لها تكلمت أخيراً:
-ماذا تقولين يا إبنتي؟! أنتي أبنتي الأولي والتي حازت بكل محبتي،

ليس معني أنني تركت أباك تركتك، أنتي مخطئة،

ربما تغارين من أخوتك لأخذهم مكانة كانت لك وحدك من قبل..
قالت جملتها الأخيرة مازحة، تحاول أن تزيل التوتر الناشئ بينهم،

لكناه توقن تماما أن إبنتها محقة، لقد أهملتها بعد الإنفصال وخصوصا بعد زواجها من آخر.

ظنت أنها لن تصل لتلك المرحلة، ولن تظلم إبنتها، للأسف فعلت أكثر من الظلم وخسرتها للأبد..

تحدثت ريهام أخيراً بعد صمت دام كثيراً:
-لاعليك يا أمي، من الأن لن يكون عندك مشاكل إضافية، فأكبر مشكلة لديك أنتهت.
يمكنك الآن إنهاء المكالمة، لابد أن أسرتك علي وشك القدوم وعليك إنهاء أعمال المنزل،

فلم يعد هناك من يساعدك في هذه الأعمال بعد الأن ويتحمل التوبيخ لا التقدير..

أغلقت مع أمها الهاتف وبدأت تسترجع الذكريات بحزن..

بعد الطلاق من أبو ريهام رجعت الى منزل أهلها، وقتها ريهام كانت بعمر السابعة،

ضغط عليها والدها لتتزوج مرة أخري وخصوصا أنها مازالت صغيرة، كانت تتحجج بعدم وجود الشخص المناسب إلى أن جاء هو..

-أعلم كل شئ وأعلم أيضا انكِ لم توفقِ في زواجك، مازلت أحبك وأريدك.
-حتي بعد طلاقي؟
-أنا أحبك منذ زمن وانتي تعرفين أنني تقدمت لكي أكثر من مرة وأباكي يرفض.
-أبي، سامحه الله، لولا عنده وإصراره على رفضك ما وصلت إلى هنا، وها هو الآن يقبل، لكن بعد ماذا!
-لم يتغير شئ ولم يقل حبي لكي أيضا، وافقي على الزواج وأعدك أن لا تندمي لحظة.
-لدي ابنه..
-يمكنك زيارتها كما تشائي، وأيضا يمكنها زيارتنا في أي وقت كما تريد.

وافقت بعدها على الزواج، في البداية كانت الأمور جيدة بل ممتازة،

لاول مرة شعرت بالحب والدفئ الذي حرمت منه كثيراً،

يفعل من أجلها كل شئ فقط ليسعدها ويحاول ان يكون لطيفا مع إبنتها قدر مايكون .

لكن ريهام لم تكن سعيدة، كيف ترتاح وهي لاتجد من يهتم بها معظم الوقت،

جدها يحاول لكنه رجل وكبير في السن لا يستطيع أن يكون مثل أمها،

تذهب الي المدرسه وشعرها ليس ممشط جيدا،

ملابسها ليست مُرتبة وأنيقة مثل باقي زميلاتها،انخفض مستواها الدراسي لعدم قدرة الجد علي المذاكرة لها.

تزورها أمها أسبوعيا تطبخ لهم بعض الاكل وتضعه في الثلاجة،

وتغسل الملابس، طول اليوم تقضيه في أعمال المنزل لاتجد الوقت لتجلس معها وتتحدث،

وعند زيارتها هي لأمها تكون الأم منشغلة في أعمال المنزل وتجلس ريهام مع أخيها الصغير حتى انتهاء اليوم.

وعندما أصبحت في سن التاسعة أستيقظت من نومها متأخرة، لم يوقظها جدها اليوم كعادته، ذهبت إليه وظلت تنادي:
-جدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

حوار مع الكاتب يوسف محب حلمي

نوفمبر 21, 2022

شروق شمس لن تغيب الفصل الخامس عشر

نوفمبر 21, 2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *