الحلقة الأولى من ( سرداب الخازندار ) قراءة في رواية ( العجوزان ) ليو تولستوي

العجوزان..

ليو تولستوي يعد أحد أبرز و أهم الأدباء الروس، و الذي حظي بمكانة كبيرة في عصره حتى نقطة انعزاله عن المجمع الأدبي

و التي تبعها الكثير من الصدامات مع الكنيسة الأرثوذكسية، بعد اتهامها في أكثر من مناسبة بالاستغلال،

مما دفع الكنيسة لرفع رعايتها عنه عام 1901 قبيل موته بتسع سنوات حيث وفاته بعد معاناته مع الالتهاب الرئوي.

قبل أن ندخل في طرقات ( العجوزان ) و هي ليست أشهر رواياته، فمن سمع بليو يعرف جيدا ( الحرب و السلام ) و ( آنا كارنينا )،

لكن رحلتنا اليوم في الحلقة الأولى من ( سرداب الخازندار ) تدور معكم حول رواية اخرى .. العجوزان

صديقان عجوزان يقررا تنفيذ حلم قديم أشبه بالعهد، وهو الحج إلى الأراضي المقدسة في فلسطين قبل أن يتفرقا لأسباب غريبة أثناء رحلتهما.

تعالج تلك الرواية الصادرة عام 1885، رحلة السلام الداخلي الذي يشعر بها الإنسان عند مساعدة الآخرين دون انتظار أي مقابل.

تتكون الرواية من شخصيتين رئيسيتين متناقضتين تمامًا، الأولى (إفيم) وهو المتوجس والمتوتر كثير التفكير وقليل الثقة في الآخرين،

ولديه الكثير من الأموال، فيما تحمل الشخصية الثانية (إليشا)، صفات مختلفة تمامًا، انسان أبسط وفقير لكنه أكثر محبة وتسامحًا.

بعد سنوات من ذلك العهد يقرر الصديقان المضي برحلتهما الطويلة باتجاه القدس،

إلا أن إليشا يزور أحد بيوت قرية على الطريق، لتبدأ الأحداث التالية في الرواية كلها على هذا القرار.

الرواية التي تعدّ إحدى الروايات القصيرة جدًا بالمقارنة مع روايات أخرى، تعطي للكاتب الروسي، ليو تولستوي،

مساحة لمناقشة علاقة الإنسان بالإنسان، والإنسان بالدين.

في أثناء تحركاته في القرية، يساعد إليشا عائلة وصلت إلى مرحلة البؤس ماديًا ومعنويًا،

وبقدر ما تبدو أفعال إليشا غير منطقية، إلا أنها تصبّ في المغزى الأساسي للرواية، وكيف يمكن للمحبة ومساعدة الآخر،

انتشال عائلةً من ظروف صعبة.

والربط هنا ما بين العاملين، مساعدة الآخر والمحبة، يقعان أيضًا في صلب ما تركز عليه الأديان السماوية،

لذا يشعر القارئ لأن رحلة الحج المقدّسة التي لم تكتمل باتجاه القدس، اكتملت في تلك القرية الصغيرة.

وهذا الشعور لا يأتي من تحليل أو استنتاج فقط، بل بعملية تشبيه إليشا بالقديس،

وظهوره أمام صاحبه كملاك في القدس نفسها أثناء الحجّ.

و هنا نصل إلى نهاية الحلقة الأولى من سرداب الخازندار، نلقاكم على خير.. دمتم في حفظ الله