قصيدة قصيرة تُكتب في ثلاثة أسطر فقط لا غير معتمدة على اللغة الحسية القوية
القادرة على التعبير المُكثف عن شعور أو مشهد أو صورة جمالية.
نشأ شعر الهايكو وتطور بشكل أساسي على أيدي الشعراء اليابانيين،
لكنه انتقل وأصبح رائجًا في مختلف اللغات،
سترى بنفسك عبر فقرات المقال كيفية تطبيق أساليب شعر الهايكو لكتابة قصيدة باللغة العربية.
اعتمد الشعراء اليابانيون على الطبيعة ولحظات الجمال العابر والتجارب المؤثرة
كمصدر أساسي للإلهام لكتابة هذا النوع من الشعر،
وهو ما يمكنك محاكاته بدورك لكتابة قصائد الهايكو. تجول في خاطرك
بحثًا عن الفكرة أو الشعور الذي يمكن أن تنطلق من عنده قصيدتك،
ثم حاول كتابة نص القصيدة بأسلوب مُفصل؛
أي أنك لا تكتب صورة عامة،
ولكنك تعتمد في الهايكو على التفاصيل الدقيقة والمشاهد والصور الجمالية القوية والمُعبرة.

كل ما تحتاجه هو كتابة ثلاثة أسطر، وهو سلاح ذو حدين؛
لست مُطالبًا بمجهود خارق لكتابة نص طويل، لكنك مُلزم بالاختيار البليغ لكل حرف وكلمة في القصيدة،
بما يضمن أن تحمل هذه الكلمات القليلة معنى قوي ومميز للقارئ.

وفقًا لما سبق، من الطبيعي أن تخضع قصيدة الهايكو الواحدة للكثير من المراجعة والتحسين.
فكر كذلك في قراءتها بصوت مرتفع لتحكم على موسيقاها
وما إن كانت بحاجة إلى أي إضافة أو حذف لتبدو بأفضل صيغة ممكنة.

الطبيعة أهم مصادر الإلهام للعديد من قصائد الهايكو، سواء كانت الأشجار أو الصخور أو الجبال
أو حتى الزهور الصغيرة والسحب.

إذا شعرت أن القصيدة لا تتكون في داخل عقلك وأنت مُقيم في غرفتك المغلقة،
فحرر نفسك ومشاعرك وأفكارك واخرج للتمشية، الطبيعة بحد ذاتها مصدر إلهام رائع للكُتاب والمؤلفين
منذ بدء اختراع الشعر،
كما أنها تساعدك على تصفية ذهنك وترتيب أفكارك والتحرر من التوتر،
لذا نصيحتنا الأولى أن تندمج مع الطبيعة من حولك لكي تقدر على الوصول إلى أفكار مميزة لقصائدك.

يمكن لقصائد الهايكو أن تدور حول فصول السنة،
الربيع والخريف والشتاء والصيف. تمر هذه الفصول مرورًا عابرًا على البشر العاديين،
مثلها مثل الزمن، لكن بوصفك شاعر،
فأنت تعرف بالتأكيد ما تحركه هذه الفصول بداخل قلبك وعقلك من مشاعر وذكريات.

يمكن لك أن تُركز قصيدتك كذلك على حدث معين يتكرر في وقت معين من العام،
مثل: أيام العيد أو رأس السنة أو نمو حبات البرتقال في الشجرة المزروعة وراء منزلك
أو هجرة أسراب الطيور التي تمر أمام نافذتك أو غيمة السحاب الأولى من الشتاء
التي تتكرر دائمًا في منتصف شهر أكتوبر.

لا تكون كل قصائد الهايكو حول الطبيعة أو فصول السنة،
ولا يشترط بالضرورة أن تتضمن ما سبق اقتراحه.
يمكنك أن تجعل كل قصيدتك حول شخص معين أو شيء يُثير انتباهك وترغب في وصفه
والإشارة إليه ولما تراه من سمات ومميزات في ذلك الشيء.
يمكنك مثلًا أن تكتب قصيدة الهايكو عن جارك كبير السن أو عن حيوانك الأليف أو عن لعبة طفولتك.

استخدم التشبيهات والاستعارات المكنية في وصف ما يدور في رأسك وكأنه شيء ما في الطبيعة.
استخدم نفس الألفاظ والتعبيرات،
لكن عبر من خلالها عن واحدة من مشاعرك الشخصية. قد يكون من أمثلة ذلك القصيدة التالية:

وضحية واحدة

 

تلتزم كل قصائد الهايكو ببناء لغوي صارم، وهو أن تكتب في ثلاثة أسطر،

لا أكثر ولا أقل، وهو ما ينطبق على شكل القصيدة في كل اللغات.

أما بالنسبة للمقاطع الصوتية،
فمن المتعارف عالميًا أن يكون بناء الجمل في القصيدة وفقًا لتكوين المقطع التالي 5-7-5؛

وهو ما يعني أن السطر الأول يتكون من 5 مقاطع والثاني من 7، والثالث من 5.

قد يبدو تطبيق قاعدة المقاطع الصوتية في اللغة العربية مُعقدًا نسبيًا،

لذا يمكنك التحرر منه نسبيًا اعتمادًا على أنها قصيدة أشبه بالنثر وغير مقيدة بالوزن أو الموسيقى،

لكن في نفس الوقت، اكتبها مُختصرة للغاية. إذا تأملت النماذج العربية المتاحة لهذه القصيدة،

ستجدها جملة واحدة فقط، مقسمة إلى مطلع (السطر الأول)،

ووسط هو الأطول نسبيًا (السطر الثاني)، وختام بنفس حجم المطلع تقريبًا (السطر الثالث)،

وكل سطر لا تزيد كلماته عن 4-5 كلمات على أقصى تقدير.

اكتب القصيدة في زمن المضارع حيث يدل الفعل المضارع على الحيوية والحركة،

وهو الأمر بالغ الأهمية في قصائد الهايكو،

مقارنة بالكتابة في زمن الماضي الذي يشوبه أكثر التأمل وانتهاء الحدث.

يقدر القارئ كذلك على تتبع عبارات القصيدة بسهولة أكثر عندما تكون مكتوبة في صيغة المضارع

يفترض بقصيدة الهايكو الجيدة أن تحتوي على جملة ختامية (السطر الثالث) مميزة قادرة على إثارة اهتمام القارئ،

وليس هذا فقط، لكن أن تتركه ورأسه تدور وعاجزًا عن نسيان القصيدة.

يوجد أكثر من شكل للجملة الختامية، فقد تقدم للقارئ مشهدًا غير متوقع

أو تمثل فكرة وإيضاح لما تم ذكره في السطرين السابقين،

لكن على نحو مفاجئ وصادم يجعل القارئ مندهشًا ومؤمنًا أن وقته لم يضع هباءً في قراءة هذا النص بالغ القصر.

من الأمثلة المشهورة لتلك النهايات الصادمة قصيدة الهايكو للشاعر الياباني “كوباياسي إيزا” التي يقول فيها:

“كل شيء ألمسه/ برقة، يا حسرتاه/ يخز مثل العُليق”، والعليق هو نبات شائك.

عد الانتهاء من كتابتك للمسودة الأولى للقصيدة،

ابدأ قراءتها بصوت مرتفع عدة مرات،

فمن المفيد للغاية في كتابة القصائد بكل أنواعها أن تنصت لوقعها على الآذان أثناء القراءة.

تأكد من أن الكلمات تنساب بنسق مميز وأنك تنتقل من سطر لآخر بسلاسة

وأنك مُلتزم بالبناء المتعارف عليه لقصيدة الهايكو والصياغة الموجزة وعدد المقاطع الصوتية.

من خلال تلك القراءات الجهرية،

احكم على ما إذا كانت قصيدتك تبدو مميزة وذات بناء لغوي طبيعي، أم أنه يوجد ما يعيبها بشكل أو آخر.